أفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بأنَّ القوات التابعة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، قصفت العديد من المناطق التي تضررت جراء الزلزال، وبلغ عدد الاستهدافات 132، بما في ذلك 29 استهدافًا خارج خطوط التماس. وقد أدى هذا القصف إلى مقتل 5 مدنيين وإصابة 42 آخرين، وتضرر 7 مراكز حيوية.
وأشار التقرير الحديث والمطوّل صادر عن الشبكة إلى أنَّ منطقة شمال غرب سوريا التي تضررت جراء الزلزال في 6 فبراير الماضي، يقطنها ما يُقدر بنحو 3.2 مليون نازح من مختلِف المناطق السورية، والذين تركوا منازلهم بسبب انتهاكات النظام السوري وحلفائه الإيراني والروسي. وتشكّل النساء والأطفال معظم النازحين، حيث يقدر عددهم بنسبة 75%. ومنذ عام 2011 وحتى الآن، لم يتمكن سوى أقل من 2% من هؤلاء النازحين من العودة إلى مناطقهم الأصلية التي لا تبعد سوى بضعة كيلومترات عن خيامهم، بسبب الخوف من انتهاكات النظام السوري.
يُعد النزوح الذي يعاني منه السوريون الأطول مدةً في التاريخ الحديث، ويُرجع ذلك إلى الانتهاكات المتكررة التي يتعرضون لها في المناطق التي يقيمون فيها، فضلاً عن تقلص مستوى الدعم الدولي المقدم لهم. وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مئات الهجمات المتعمدة على المدنيين والمرافق الحيوية في المناطق التي نزحوا إليها، وقطع النظام السوري عنهم جميع الخدمات الأساسية، كالمياه والكهرباء.
وفي الوقت الذي يصر النظام السوري على أن المساعدات الأممية يجب أن تمر من خلاله، لأنه يتحكم بالدولة السورية، فإن تاريخه الأسود الطويل في عرقلة وصول المساعدات يؤدي إلى ارتفاع حصيلة السوريين الذين فقدوا حياتهم جراء الزلزال في شمال غرب سوريا، والذين بلغ عددهم 4191 شخصاً.
وفقًا للتقرير، تسبب الزلزال في تشريد أكثر من 160 ألف سوري متضرر منه، ومعظمهم من النازحين الذين يعانون بالفعل من ظروف معيشية قاسية. وتفاقم الأمر بسبب الهزات الارتدادية المستمرة حتى وقت إعداد التقرير، حيث اضطر حوالي 80% من السكان لمغادرة منازلهم والمبيت في أماكن أخرى خارجها، خوفًا من وقوع هذه الهزات. وقد زادت هذه الظروف القاسية من معاناة السوريين وتفاقمت الأوضاع النفسية والمعيشية الصعبة التي يعانون منها.
تواصلت عمليات القصف للأرضي من قوات النظام السوري وحلفائه على منطقة شمال غرب سوريا لمدة تسعة أسابيع بعد وقوع الزلزال في 6 فبراير وحتى 10 أبريل. وبعض هذه الهجمات استهدفت مناطق قريبة من مخيمات يقيم فيها نازحون بسبب الزلزال، ما أدى إلى تشريدهم مرة أخرى. ووثّق التقرير ما لا يقلّ عن 132 هجومًا أرضيًا لقوات النظام السوري خلال هذه الفترة، بما في ذلك 29 هجومًا على مناطق بعيدة عن خطوط التماس، أسفرت عن مقتل 5 مدنيين، أحدهم طفل، وإصابة ما لا يقل عن 42 مدنيًا آخر، إلى جانب 7 حوادث اعتداء على مراكز حيوية مدنية، بما في ذلك مدرسة ونقطة طبية ومسجد وسوقان.
واستنتج التقرير أن قوات النظام السوري خرقت بشكل لا يقبل التشكيك قراري مجلس الأمن رقم 2139 و2254 القاضيين بوقف الهجمات العشوائية، وانتهكت قواعد القانون الدولي الإنساني الخاصة بالتمييز بين المدنيين والمقاتلين. كما أشار التقرير إلى أن النظام السوري وصل إلى مرحلة لا إنسانية تفوق الوصف، حيث استهدف مناطق منكوبة بالزلزال تعاطف معها معظم شعوب وحكومات العالم.
وأوصى التقرير مجلس الأمن بإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، وحجب حق النقض عند ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
وطالب بفرض عقوبات أممية عسكرية واقتصادية على النظام السوري وبشكل خاص القادة المتورطين بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
كما أوصى الأمم المتحدة والدول المانحة بتأسيس منصة دعم دولية تتولى عمليات تنسيق المساعدات في شمال غرب سوريا، وتكون بمنزلة خيار إضافي إلى جانب الأمم المتحدة، وعدم الاعتماد الكلي على الأمم المتحدة فقد ثبت فشل ذلك، وابتزاز روسيا لها على مدى السنوات الماضية.
وضرب زلزال مدمر، مناطق الشمال السوري في السادس من فبراير الماضي، وخلف خسائر مهولة سواء في الأرواح على أو صعيد البنى التحتية التي سجّلت انهيارات عديدة.
وأجمعت العديد من التقارير والتحليلات، بأنّ بشار الأسد حاول استغلال الزلزال المدمر للخروج من عزلته والعودة إلى المجتمع الدولي مرة أخرى.
وتلقى بشار الأسد، الذي ظلّ منبوذاً لسنوات طويلة، وتلقى اتصالات تعزية من حلفائه مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكذلك من أولئك الذين نبذوه، مثل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وظهر كثير من المسؤولين في النظام السوري يطالبون بفكّ عزلة النظام تحت وهم الأعمال الإغاثية في أعقاب الزلزال.
